الحوار سنة حميدة، مؤشر للتحضر وعلامة من علامات الرقي، تشير المصادر إلى مشاركة 600 شخص في حوار مدته سبعة أيام! فهل هذا يعني أن الحوار سيكون، فعلا، جادا؟ أم أن مخرجاته معلومة سلفا؟ هل حسمت الأطراف مسبقا اتفاقها أو خلافها؟ أم أن أحد الأطراف سيستخدمه لهدف ما، بحيث يباغت تصرفه الطرف الآخر؟ من سيكون أسرع في استغلاله؟ هل سيشارك البعض لينسحب؟ أم أن النظام سيمرر قرارا غير متوقع من خلال الحوار؟
كل هذه التساؤلات واردة، لأن مشاركة 600 شخص في حوار مدته سبعة أيام أمرا لا يمكن فهمه أو تفهمه، لنفترض أن كل مشارك سيأخذ من الوقت ثلاثين دقيقة فقط طيلة أيام الحوار، في هذه الحالة سيحتاج الحوار إلى مدة زمنية قدرها 600×30 =18000, أي 18000 دقيقة، أي 300 ساعة، وإذا افترضنا أن المتحاورين سيعملون بمعدل نصف اليوم أي 12 ساعة من كل 24 ساعة، فإننا سنحتاج إلى 25 يوما لكي يعبر كل مشارك عن رأيه، ويبدي تحفظه أو رفضه لفكرة أو طرح معين وكل ذلك في مدة لا تتجاوز ثلاثين دقيقة فقط، دون أن نحتسب أوقات الصلاة والاستراحة والجدال والمشاغبة، والتأخر عن الوقت، وخطايات الزعماء، والوقت الضائع والوقت بدل الضائع.
كل ذلك يعني أنه سيكون حوارا مضغوطا بما في الكلمة من معنى، وعليه فإننا سنكون أمام احتمالات من شبه المؤكد أنها سترسم قوالب جاهزة لنتائجه، وذلك على النحو التالي:
١- أن تكون ثقة المتحاورين في ما بينهم جعلتهم يتفقون مسبقا على نتائج محددة قبل انطلاق الحوار، وبالتالي سيكون الحوار المرتقب مجرد آلية لإخراج البنود الجاهزة سلفا للرأي العام، وهذا، فعلا، سيكون مفيدا، رغم أنه مستبعد نظرا لعدم تجانس آراء وأفكار بعض أطراف الحوار.
٢- أن يكون الشرخ الكبير، المعلوم والمذموم، بين المتحاورين جعلهم، جميعا، يحكمون عليه بالفشل مسبقا، لكن بالمقابل يحاول كل طرف أن يلعب دور المنفتح والمستعد للحوار أمام الرأي العام، ويعتبر اتفاق المتحاورين وبالاجماع على فترة زمنية قصيرة(سبعة أيام) وعدد مشاركين يصل إلى 600 شخص، مؤشرا قويا لدعم هذا الاحتمال.
٣- الاحتمال الأخير، هو أن يكون الحوار هو النهاية الحتمية والسيئة لمرحلة الهدنة السياسية، الغير معلنة، بين مختلف الأطراف، بعد أن استنفدت مناورة المجاملات كل مصداقيتها، وإذا كان الأمر كذلك فلن تشارك جميع الأطراف التي أعلنت استعدادها للمشاركه، ولن يعترف كل المشاركين بنتائج الحوار، لتبدأ عاصفة الانتخابات التشريعية في جو يصعب بل يستحيل معه التحكم في نتائجها.
تحياتي.
محمد حبيب الله ولد الحاج محم